أثر التكنولوجيا في حياة كبار السن

0


مقدمة: الحاجة المتزايدة للرعاية الرقمية

في ظل تزايد أعداد كبار السن على مستوى العالم، أصبحت الحاجة ملحة لإيجاد حلول مبتكرة لتقديم الرعاية لهم، خاصة في ظل النقص المتوقع في عدد مقدمي الرعاية التقليديين. التكنولوجيا الرقمية اليوم لم تعد مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية لضمان استقلالية كبار السن وتحسين جودة حياتهم.


تجربة باولا تينكلر: من تغيير المسار إلى العمل الرقمي

في بداية صيف العام الماضي، قررت باولا تينكلر تغيير مسارها المهني نحو قطاع الرعاية الصحية، لتلتحق بشركة بريطانية تُدعى SeraCare. المميز في تجربتها أنها:

  • أكملت كامل إجراءات التوظيف عبر الإنترنت، من اختبار ومقابلة إلى تدريب رقمي بالكامل.

  • باشرت عملها دون الحاجة للتواجد في مراكز رعاية تقليدية، إذ لا تدير الشركة أي منازل رعاية، بل تعمل من خلال منصة رقمية تنسق بين مقدمي الرعاية والمحتاجين إليها.


كيف تعمل SeraCare؟

تهدف الشركة إلى تسهيل تنظيم الرعاية الصحية المنزلية لأقارب المرضى عبر أدوات تكنولوجية. وتقوم بذلك من خلال:

  • إقران مقدمي الرعاية مع المرضى عبر بوابة رقمية.

  • استخدام خدمات أوبر لنقل المرضى إلى المستشفيات.

  • توصيل الأدوية الموصوفة عبر خدمات التوصيل.

  • إجراء أكثر من 500,000 زيارة منزلية شهريًا.

  • جمع أكثر من 20 مليون جنيه إسترليني منذ تأسيسها في عام 2016.


الشيخوخة السكانية: تحديات وأرقام مقلقة

تُظهر الإحصاءات أن:

  • نسبة من تجاوزوا 65 عامًا في دول الاتحاد الأوروبي تقترب من 20%.

  • عدد كبار السن فوق سن الستين في العالم بلغ مليار نسمة، أي ضعف عددهم في عام 1980.

  • التقديرات تشير إلى أن ثلث من يولدون اليوم قد يصلون إلى عمر 100 عام.


الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار: مستقبل الرعاية الذكية

من بين التقنيات المستخدمة في مجال الرعاية:

  • أجهزة ليدار (LiDAR): تُستخدم لرصد حركات كبار السن في منازلهم وتنبيه مقدمي الرعاية عند السقوط.

  • المساعد الافتراضي "مارثا": برنامج ذكي يقدم التوجيهات والإشعارات لمقدمي الرعاية استنادًا إلى البيانات السابقة عن المرضى.

  • استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل احتياجات المرضى وتقديم الرعاية التنبؤية.

ورغم فعالية هذه الأدوات، ظهرت مخاوف أخلاقية من استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا السياق، خاصةً فيما يتعلق بالخصوصية والإقصاء الاجتماعي.


الابتكار في قطاع الرعاية الصحية: جهود عالمية ملحوظة

الجهود الحكومية

أطلقت الحكومة البريطانية مبادرة "التحدي الكبير" في خطة القطاع الصناعي لعام 2019، وتهدف إلى:

  • منح كل شخص خمس سنوات إضافية من "العمر الصحي" بحلول عام 2035.

المبادرات الخاصة

  • شركة Unity للأدوية: تسعى إلى تطوير علاجات لتأخير أو الوقاية من أمراض الشيخوخة.

  • استثمار بقيمة 2 مليار دولار من شركة Calico في أبحاث التقدم في السن.


أدوات تكنولوجية لتعزيز التواصل

يُعد العزل الاجتماعي أحد أبرز تحديات كبار السن. لذا ظهرت أجهزة ذكية لتقليل هذا الشعور، منها:

  • جهاز "Comp": جهاز لوحي مصمم ليشبه التلفاز القديم لتسهيل استخدامه من قبل المسنين. يسمح بإجراء مكالمات فيديو ومشاركة الصور بسهولة.

  • روبوت "بارو": على شكل فقمة صغيرة، يستخدم للعلاج النفسي، ويصدر أصواتًا ويتحرك استجابة للمس.

  • روبوت "تياغو" من شركة بال روبوتيكس: يُستخدم في المشاريع المدعومة لمساعدة كبار السن داخل منازلهم.

ورغم فعاليتها، شعر العديد من كبار السن بالحزن عند انتهاء التجارب، ما يؤكد أهمية العلاقة العاطفية مع هذه الأجهزة.


تحديات سوق العمل في مجال الرعاية

تواجه العديد من الدول نقصًا حادًا في القوى العاملة بمجال الرعاية الصحية:

  • الولايات المتحدة بحاجة إلى 2.3 مليون مقدم رعاية إضافي بحلول عام 2025.

  • أستراليا تحتاج إلى 100 ألف مقدم رعاية خلال الفترة ذاتها.

هذا التحدي يدفع نحو تسريع دمج التكنولوجيا لتغطية النقص وتوزيع المهام بين البشر والآلات.


مستقبل الرعاية الصحية: بين الإنسان والآلة

رغم التطور التكنولوجي الهائل، تبقى العلاقات الإنسانية والتواصل وجهاً لوجه عناصر لا غنى عنها في الرعاية، كما أن:

  • الروبوتات ومساعدو الذكاء الاصطناعي هم أدوات داعمة، لا بدائل كاملة للبشر.

  • تطوير الروبوتات يجب أن يُراعي الطابع الإنساني، حتى يسهل على كبار السن فهمها والتفاعل معها.


خاتمة: التكنولوجيا كجزء من الحل لا بديلاً عن الإنسان

في ظل التحولات السكانية المتسارعة، لا مفر من دمج التكنولوجيا في الرعاية الصحية. ومع ذلك، يجب أن يتم ذلك بحذر، مع الحفاظ على الطابع الإنساني للعلاقات.
الهدف ليس فقط تحسين الكفاءة، بل ضمان الكرامة، الاستقلالية، والتواصل الاجتماعي لكبار السن في مرحلة متقدمة من حياتهم.



incentivize, art I love, My health

إرسال تعليق

0تعليقات

يرجى عدم نشر تعليقات غير مرغوب فيها تنشر الكراهية والكراهية تجاه الأفراد أو الشعوب أو التمييز على أساس العرق أو الجنس أو الدين أو الانتماء. سيتم إزالتها مباشرة بعد المراجعة، والمدونة ليست مسؤولة عن مثل هذه التعليقات.
يرجى تجنب تضمين عناوين URL لموقع الويب في تعليقاتك.
سأكون ممتنًا لك إذا احترمت هذه الإرشادات، ونرحب بإبداء تعليقات حرة وعادلة وموضوعية.
Please do not post unwanted comments that spread hatred and hatred toward individuals or peoples or discrimination based on race, gender, religion, or affiliation. They will be removed immediately after review, and the blog is not responsible for such comments.
Please avoid including website URLs in your comments.
I would be grateful to you if you respect these guidelines, and you are welcome to make free, fair and objective comments.

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!